الجوع والمرض والتعليم الضائع.. أزمات تهدد ملايين الأطفال في أفغانستان
الجوع والمرض والتعليم الضائع.. أزمات تهدد ملايين الأطفال في أفغانستان
تواجه الطفولة في أفغانستان واحدة من أشد الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يقف مئات الآلاف من الأطفال على حافة الموت جوعاً ومرضاً، في ظل انعدام المساعدات الأساسية، وتراجع الخدمات الصحية والتعليمية، وتفاقم الفقر المستمر منذ سنوات طويلة.
حذر تام فلچر، نائب الأمين العام للأمم المتحدة، خلال اجتماع مجلس الأمن من أن 1.7 مليون طفل في أفغانستان يعانون سوء تغذية حاداً، ويواجهون تهديداً مباشراً بالموت نتيجة انخفاض التمويل الدولي وغياب الدعم الكافي وفق تقرير نشرته شبكة "أفغانستان إنترناشيونال" الخميس، وأوضح فلچر أن مئات مراكز توزيع الغذاء والعيادات الصحية أغلقت أبوابها، قائلاً إن الشتاء المقبل قد يأتي دون أي توزيع غذائي، وسط غياب الحلول العاجلة، مع إغلاق العديد من مراكز توزيع الطعام بالفعل.
الشلل الصحي والغذائي في أفغانستان
وأشار نائب الأمين العام إلى أن 400 عيادة أُغلقت خلال العام الماضي فقط، متوقعاً أن يزداد هذا العدد بشكل كبير في عام 2026، وهو ما يزيد من المخاطر الصحية على الأطفال والنساء، خصوصاً في المناطق النائية التي تعتمد بشكل كامل على هذه العيادات لتلقي الرعاية الطبية الأساسية، وأكد أن أفغانستان تحتل المرتبة الثالثة عالمياً بعد اليمن والسودان من حيث شدة الأزمة الإنسانية، حيث يحتاج نحو 22 مليون شخص إلى مساعدات عاجلة.
وخلال زيارته الأخيرة إلى قندهار وكابل وکندز، صُدم فلچر من السياسات التمييزية القاسية تجاه النساء والفتيات، داعياً إلى استمرار الدعم الدولي والضغط على حركة طالبان لعودة موظفات الأمم المتحدة إلى مكاتبهن، لضمان تقديم الخدمات الإنسانية الأساسية دون تمييز.
يونيسف: أكثر من نصف السكان أطفال
في سياق الأزمة، أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، في بيان لها الأربعاء، أن أكثر من 21 مليون شخص في أفغانستان، بينهم 11.6 مليون طفل، سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية في عام 2026، وأوضحت المنظمة أن خطتها لتقديم خدمات حيوية لـ12 مليون شخص في أنحاء البلاد تتطلب تمويلاً قدره 949 مليون دولار.
وحذرت يونيسف من أن السكان يواجهون سلسلة من الأزمات المتشابكة، تشمل الكوارث الطبيعية، وتراجع البيئة الداعمة، والاقتصاد الهش، إلى جانب محدودية الوصول إلى الخدمات الأساسية، وأشارت المنظمة إلى أن النساء والأطفال والمراهقين والفئات المهمشة هم الأكثر عرضة للمخاطر، مؤكدين ضرورة توفير الخدمات الحيوية وحماية الشرائح الضعيفة.
تأثير القيود في النساء والفتيات
لفت التقرير إلى أن القيود المفروضة على النساء والفتيات في أفغانستان ستترك آثاراً طويلة المدى، حيث إن عدم قدرة النساء على العمل أو متابعة التعليم يفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية للأسر، كما أبرزت يونيسف أن ضعف الاستثمار في قطاعات المياه والصحة العامة أدى إلى ارتفاع الاحتياجات الإنسانية، خصوصاً في المناطق الريفية والنائية، حيث يعتمد السكان على خدمات محدودة وموارد شحيحة.
برامج إغاثية وأنشطة تنموية
تعتزم يونيسف، خلال العام المقبل، تقديم خدمات أساسية ومنقذة للحياة تشمل الرعاية الصحية، التغذية، التعليم، مياه الشرب، وحماية الأطفال من المخاطر المباشرة وغير المباشرة، وتستهدف هذه البرامج نحو 12 مليون شخص في مختلف أنحاء أفغانستان، بينهم ملايين الأطفال الذين يعيشون في ظل فقر مدقع ونقص حاد في الغذاء والرعاية الطبية.
وأكدت المنظمة أن جهودها لا تقتصر على المساعدات الطارئة فحسب، بل تتضمن أيضاً دعم التعليم للفتيات والأولاد، وتوفير أدوات التغذية الأساسية، بالإضافة إلى تحسين وصول الأسر إلى المياه النظيفة والخدمات الصحية، لضمان تقليل معدلات الوفيات بين الأطفال.
تحديات الوصول إلى المحتاجين
يواجه العاملون في المجال الإنساني تحديات كبيرة بسبب القيود المفروضة على الحركة والسياسات التمييزية، إذ إن عدم السماح للنساء بالعمل أو التنقل بحرية يعوق وصول المساعدات إلى الأسر المحتاجة، خاصة تلك التي تضم أطفالاً في حالات حرجة من سوء التغذية والأمراض، ويشكل الوضع الأمني العام، مع استمرار النزاعات المسلحة، معوقاً إضافياً أمام تقديم المساعدات في الوقت المناسب.
تعيش أفغانستان أزمة إنسانية متشابكة منذ سنوات، حيث يواجه السكان ضغوطاً اقتصادية متزايدة بعد عقود من الحروب والصراعات، بالإضافة إلى كوارث طبيعية مثل الفيضانات والجفاف، ويعاني الأطفال بشكل خاص من نقص الغذاء والرعاية الصحية والتعليمية، ما يجعلهم الأكثر عرضة للموت المبكر والحرمان من مستقبل كريم.
وفق الأمم المتحدة، يحتاج نحو 22 مليون شخص إلى مساعدات عاجلة، منهم 11.6 مليون طفل، وتشمل الاحتياجات الأساسية الغذاء والماء والصحة والتعليم والحماية من العنف والاستغلال، ويعد الدعم الدولي المستمر والحفاظ على وصول المنظمات الإنسانية إلى جميع المناطق دون تمييز من العناصر الأساسية لتخفيف الأزمة وحماية حقوق الأطفال والنساء الأكثر ضعفاً.
الأزمة الإنسانية في أفغانستان ليست مجرد أرقام، بل قصص يومية للأطفال الذين يواجهون الجوع والمرض والحرمان من التعليم والرعاية الصحية، ووجود ملايين الأرواح الصغيرة على حافة الموت يستدعي استجابة عاجلة من المجتمع الدولي، لضمان وصول المساعدات، وحماية النساء والفتيات، وتأمين مستقبل آمن للأطفال الذين يمثلون الأمل في غد أفضل، ويظل التركيز على الطفولة في قلب الجهود الإنسانية، إذ إن حماية الأطفال اليوم هي استثمار في السلام والاستقرار الاجتماعي على المدى الطويل.











